الصحراء اليومية/العيون
حمل الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى الـ 48 لعيد المسيرة الخضراء، توجيها واضحا لجلالة الملك لمختلف المؤسسات العمومية والمنتخبة للإستعداد لتحدي جديد يتوخى من خلاله الملك محمد السادس تحويل الجهات الجنوبية للمملكة ذات الواجهة الأطلسية لقطب إقتصادي بطابع بحري، لاسيما جهتي العيون الساقية الحمراء والداخلة وادي الذهب، يربط بين المملكة المغربية وأفريقيا وأوروبا وأمريكا.
وجاء الخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد المسيرة الخضراء: "ولمواكبة التقدم الاقتصادي والتوسع الحضري، الذي تعرفه مدن الصحراء المغربية، ينبغي مواصلة العمل على إقامة اقتصاد بحري، يساهم في تنمية المنطقة، ويكون في خدمة ساكنتها. اقتصاد متكامل قوامه، تطوير التنقيب عن الموارد الطبيعية في عرض البحر؛ ومواصلة الاستثمار في مجالات الصيد البحري ؛ وتحلية مياه البحر، لتشجيع الأنشطة الفلاحية، والنهوض بالاقتصاد الأزرق ، ودعم الطاقات المتجددة".
وتطرح التوجيهات الملكية السامية القطاعات العمومية والمهنية والمجالس المنتخبة أمام تحدي يروم تحقيق تنمية شاملة تفيد الإقتصاد الوطني والمواطن، وهو ما يفرض تكاتف الجهود والعمل وفق مقاربة مندمجة للتنزيل السليم والفعال للرؤية الملكية القائمة على الإنفتاح على محيط المملكة الإقليمي والقاري والدولي، لاسيما جهة الداخلة وادي الذهب التي تعد أكبر الرابحين من التوجه الملكي الجديد، التي تتوفر المثير من المؤهلات لتكون بذلك رابحا كبيرا من المشروع الملكي.
- ميناء أطلسي عالمي:
ويأتي وصف جهة الداخلة بكونها أكبر الرابحين لتوفرها على بنية تحتية ملائمة يتقدمها مشروع ميناء الداخلة الأطلسي الموصوف بكونه نقطة وصل بين المملكة المغربية وجنوب القارة الأفريقية وأوروبا، إذ يضم جسر العبور بطول 1200 متر، وحواجز وقائية بطول 6700 متر طولي، وحواجز الرسو و أراضي مسطحة، ثم أرصفة متعددة الاختصاصات بـ 600 متر طولي بعمق 16 متر هيدرو، ومحطة نفط، ورصيف مخصص للخدمات بـ100 متر طولي، بالإضافة إلى أراضي مسطحة مساحتها إلى 24,6 هكتار، وميناء للصيد البحري يضم أرصفة بـ 1650 متر طولي بعمق 12 متر هيدرو، علاوة على أراضي مسطحة مساحتها إلى 28,8 هكتار، وأرصفة مخصصة لإصلاح السفن، وأرصفة بـ 200 متر طولي بعمق 12 متر هيدرو، ثم أراضي مسطحة مساحتها إلى 8,6 هكتار، حيث يكلف المشروع تقديريا نحو 10 مليار درهم وفق المعلن عنه.
وهو ما يجعل المنطقة محطة جذب كبيرة لمختلف المعاملات التجارية الدولية، ويُمَكن من فتح أبواب المنطقة على الواجهة الأفريقية والأوروبية، وكذا الأمريكية غربا، فبعيدا إنعكاساته الكبيرة على المنكقة من خلال عن دعم التنمية السوسيو إقتصادية والصناعية للمنطقة في جميع القطاعات الإنتاجية المتعلقة بالصيد البحري والزراعة والتعدين والطاقة والسياحة والتجارة والصناعات التحويلية، ينضاف تلى ذلك ضمان الميناء لإنفتاح أكبر على الأسواق الدولية، من خلال تسويق أكبر لمنتوجات الصيد البحري وعدم رهنه ذلك بدول الإتحاد الأوروبي فقط، وهو ما يشكل تحولا جديدا المقاربة الإقتصادية المغربية المبنية على السيادة الوطنية.
- قطاع صيد بحري متطور بأثر مباشر على المنطقة:
بالإضافة لميناء الداخلة الأطلسي، فقد ربحت جهة الداخلة وادي الذهب قطاع صيد بحري بمواصفات ومعايير عصرية، بحكم الدور الذي لعبته الكاتبة العامة لوزارة الصيد البحري، زكية الدريوش، لأكثر من عقدين من الزمن وعملها وفق مقاربة مبنية على الفاعلية والحكامة والأثر المباشر على المنطقة تحضيرا للمرحلة الجديدة، حيث عمدت على أجرأة مخططات تهيئة المصايد، ورفعها عددها من مخطط واحد إلى 30 مخطط، وساهمت في المحافظة على الثروة السمكية، علاوة على تهيئة مصطادات السردين عن طريق إلزام مراكب الاستقبال بالصناديق البلاستيكية والقضاء على الصناديق الخشبية تعميم مراقبة السفن عن طريق الأقمار الاصطناعية VMS، وكذا تتبع مسار المصطادات من عملية الصيد إلى البيع لمحاربة الصيد الجائر، ووضع رقاقات إلكترونية لمراقبة القوارب، فضلا عن الدفاع عن حصة المغرب من التونة الحمراء، والسهر على إنجاز مشاريع معامل التصبير بالداخلة في سبيل خلق تنمية سوسيو إقتصادية ملحوظة.
هذه المقاربة ساهمت فعليا في تشغيل أزيد من 40 ألف مهني قي قطاع الصيد البحري على مستوى الجهة، كما إرتفعت إنتاجية الاسماك على مستوى الجهة لتتخطى 630 ألف طن سنويا وترتفاع عدد الوحدات الصناعية التي بلغت نحو 94 وحدة تلى حدود2021، تضم مصانع لتصبير السمك ومعامل لتجميده، وأخرى تنتج دقيق وزيت السمك ومعامل أخرى في مجال القشريات والتخزين، الشيء الذي جسّد دور قطاع الصيد البحري كرافعة لتنمية الإقتصاد على مستوى جهة الداخلة وادي الذهب والمملكة المغربية، وأعدّها للحظوة بريادة قارية في المجال إستباقا للرؤية الملكية الأطلسية الجديدة.
- جهة الداخلة وادي الذهب.. الأمن والإستقرار:
لم يكن التوجه الملكي نحو المحيط الأطلسي عفويا، ولا إستفادة جهة الداخلة وادي الذهب من هذا التوجه إعتباطيا، إذ تحولت في العقد الأخير لصورة للأمن والإستقرار الذي تحظى به المملكة المغربية، يعكسه إستضافتها لفعاليات دولية سواء منها السياسية كمنتدى كرانس مونتانا، أو القنصليات العامة لدول أفريقية وأمريكية، أو أخرى رياضية كبطولات دولية في مختلف الرياضات البحرية، أو أخرى سينمائية وثقافية، علاوة على إحتضانها لقنصليات عامة، ما ساهم في تحويلها لوجهة سياحية داخلية ودولية نموذجية، الشيء الذي يتماشى أيضا مع الرؤية الملكية الواردة في الخطاب الملكي، والقاضية بتعزيز السياحة في الواجهة الأطلسية.
كل هذا ينضاف له المناخ السياسي الهادئ الذي تتميز به، وكذا البنية الطرقية التي تتوفر عليها، لاسيما الطريق السريع تيزنيت الداخلة، وتعزز الربط الجوي بينها ومختلف الوجهات والسعي لخلق وجهات دولية، وطاقة فنادقها الإستيعابية، وتوفرها على ربط مهم في مجالات الكهربا والماء الصالح للشرب والصرف الصحي.