حل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بجزيرة كورسيكا المطالبة بالانفصال عن فرنسا، في زيارة وصفتها وسائل الإعلام الفرنسية بأنها "تاريخية"، حيث أتى حاملا معه مقترح "الحكم الذاتي" الذي عرضه أمام البرلمان الكورسيكي لإنهاء مطالب "الاستقلال" عن فرنسا، في خطوة مماثلة لما يعرضه المغرب لطي ملف الصحراء بشكل نهائي.
وبصيغية مشابهة للصيغة المغربية، اقترح ماكرون على الكورسيكيين "الحكم الذاتي في إطار الجمهورية"، على أن يتم تضمين هذا الأمر ضمن الدستور في تعديلات ستأخذ بعين الاعتبار أيضا الخصوصيات اللغوية والثقافية للإقليم، مانحا القوى السياسية هناك مهلة 6 أشهر للتوصل إلى اتفاق مع حكومة باريس بشأن نص دستوري يتيح تعديل الوضع الإداري والسياسي لكورسيكا.
ويأتي ذلك في الوقت الذي تتصاعد فيه الأزمة بين الرباط وباريس، والتي من بين أهم مسبباتها رفض فرنسا الإعلان بشكل صريح على دعم خطة الحكم الذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربي، على غرار ما فعلته دول أخرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وإسبانيا، في ظل سعي ماكرون لتحقيق ما يعتبره "توازنا" في العلاقات بين المغرب والجزائر التي تمد بلاده بالغاز الطبيعي.
وقال ماكرون أمام منتخبي كورسيكا إنه يؤيد الاعتراف بخصوصيات المجتمع المحلي للجزيرة في الدستور ضمن مادة محددة، بما يشمل الاعتراف بلغتها وثقافتها، مضيفا "للاستجابة إلى الحاجة للاعتراف ولتجنب مواجهات جديدة، دعونا نتحلى بالجرأة لبناء حكم ذاتي لكورسيكا في إطار الجمهورية".
وأورد الرئيس الفرنسي "يجب أن يكون هذا الحكم الذاتي وسيلة لبناء المستقبل معا دون الانفصال عن الدولة، ولن يكون استقلالا ذاتيا ضد الدولة أو بدونها، بل حكما لكورسيكا في إطار الجمهورية"، معتبرا أن هذه اللحظة "تتطلب من الجميع التحلي بروح المسؤولية".
وأبدى ماكرون أمله في أن يؤدي العمل مع الحكومة المركزية إلى نص دستوري وقانون أساسي يتم تقديمه للموافقة عليه من طرف برلمان كورسيكا خلال نصف سنة، واصفا الأمر بأنه "لحظة تاريخية يجب العمل بشكل جماعي من أجل تحقيقها".
ويسعى الرئيس الفرنسي من خلال هذه الخطوة إلى محاصرة المطالب المتصاعدة بالانفصال، إذ منذ العام الماضي تجتاح الجزيرة احتجاجات رافضة للاستمرار تحت السيادة الفرنسية مدفوعة بمطالب اجتماعية وسياسية، والتي تحولت في الكثير من الأحيان إلى أعمال عنف وتخريب ونهب، وذلك إثر الاعتداء على الناشط الكورسيكي إيفان كولونا داخل سجنه الفرنسي في 8 مارس 2022.