الصحراء اليومية/العيون
على بعد أسابيع قليلة من تقديم الأمين العام الأممي لتقريره حول الصحراء، كثفت جبهة البوليساريو من خرجاتها الإعلامية، التي تروج لمعلومات بعيدة عن الواقع، فبعد حديثها عن إرسال تعزيزات عسكرية لمهاجمة القوات المسلحة الملكية على طول الجدار الرملي، عادت لتتحدث عن تغيير رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز لموقفه الداعم لمقترح الحكم الذاتي للصحراء.
ومنحت الإذاعة الجزائرية مساحة لممثل جبهة البوليساريو لدى سويسرا والأمم المتحدة والمنظمات الدولية بجنيف، أبي بشريا البشير، من أجل تحليل خطاب رئيس الحكومة الإسبانية في الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل أيام، حيث رأى أن هذا الخطاب "بمثابة مؤشر يؤمل منه الرجوع التدريجي إلى موقف اسبانيا التقليدي المعروف تجاه القضية الصحراوية والذي يشكل نقطة إجماع بين مختلف القوى السياسية والرأي العام الاسباني".
وتابع البشير أن هذه الكلمة "تعطي على الأقل مبررا مشروعا على أن هناك أملا بأن رئيس الحكومة الإسبانية وخلال الفترة الماضية قد توصل إلى الاستنتاجات الضرورية التي تفيد بأنه من مصلحة اسبانيا والمنطقة والأمم المتحدة أن تعود مدريد إلى موقفها التقليدي وأن تتحمل مسؤوليتها التاريخية والقانونية والأخلاقية تجاه الصحراء الغربية ".
لكن وفي حقيقة الأمر لم تحمل كلمة سانشيز أي إشارة لتغيير موقف مدريد من نزاع الصحراء، وكان رئيس الحكومة الإسبانية، قد أدلى بنفس الكلمة تماما فيما يخص نزاع الصحراء على نفس المنبر السنة المضية وقال إن "إسبانيا تؤيد حلاً سياسياً مقبولاً بشكل متبادل في إطار ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن".
وعلى عكس تأويلات البوليساريو والجزائر، فإن سانشيز تجاهل حتى قبل إعلان دعمه لمقترح الحكم الذاتي (14 مارس 2022) "حق تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية" و "تنظيم استفتاء" في الصحراء، في خطاباته بالجمعية العامة للأمم المتحدة سنوات 2019 و 2020 و 2021.
ومن أجل وضع حد لكل التفسيرات الخاطئة، سبق لوزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، أن قال في اليوم الموالي لخطاب بيدرو سانشيز في الأمم المتحدة إن "خارطة الطريق المتفق عليها بين المغرب وإسبانيا قيد التنفيذ".
ويذكر أنه سبق للرئيس الجزائري، في شتنبر 2022، أن عبر عن نفس الارتياح بعد خطاب بيدرو سانشيز أمام الأمم المتحدة. ورحب عبد المجيد تبون خلال لقاء مع الولاة بأن " إسبانيا يبدو أنها بدأت ترجع إلى القرار الأوروبي بخصوص القضية الصحراوية"، غير أن مدريد لم تغير من موقفها، وبقيت العلاقات الدبلوماسية بين إسبانيا والجزائر تعيش قطيعة غير مسبوقة.
وأضاف البشير في تصريحه للإذاعة الجزائرية أن "القضية الصحراوية كانت حاضرة بقوة في الانتخابات التشريعية الماضية في اسبانيا وربما كان لها تأثير كبير جدا على سانشيز وحملته الانتخابية وهي أحد الأسباب الكبرى لعملية التآكل التي حدثت داخل الحزب الاشتراكي الاسباني".
وتجاهل القيادي الانفصالي في كلمته، حقيقة أن النتائج التي حققها حزب سانشيز في الانتخابات الأخيرة كان أفضل مما كان متوقعا، إذا تمكن من الفوز بمقعدين إضافيين (122 مقعد) مقارنة بانتخابات سنة 2019، بالمقابل لم يحصل الحزب الشعبي رفقة حزب فوكس اليمينيين على الأغلبية التي تخولهما تشكيل الحكومة كما كانت تشير استطلاعات الرأي.
ويمتلك سانشيز خيارات أكثر لتشكيل حكومة جديدة، ومن المتوقع أن يسعى للحصول على دعم أحزاب انفصالية من إقليمي الباسك وكتالونيا كما فعل بعد انتخابات 2019.
