الصحراء اليومية/ حميد بوفوس
في خطوة مهمة تليق بالشرفاء العلويين بالموجودين بالأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، و في جميع ربوع الوطن و خارجه، أقدمت الجهات المسؤولة على تجهيز زاوية قبيلة الشرفاء العلويين " فيلالة " المتواجدة بمنطقة أفرى بنفوذ تراب الجماعة الترابية رأس أمليل على بعد 5 كلم عن الطريق الوطنية رقم 1 الرابطة بين كلميم و طانطان، بالطريق المعبدة و ربطها بالماء و الكهرباء وسط استحسان كافة المنتمين لقبيلة الشرفاء فيلالة.
و تعتبر منطقة " أفرى " التي تظم زاوية الشرفاء العلويين " فيلالة "، البلدة الصغيرة من خلال البناية و الكبيرة من حيث العدد الهائل من زوارها ، حيث تعد محج للشرفاء و لباقي قبائل الصحراء و تربط الجنوب بالشمال، لذلك تحظى بعناية خاصة من طرف السلطات، حتى أنها باتت الآن تتوفر على بنية تحتية ، من طريق معبدة، و الماء و الكهرباء، و هي أهم البنيات التحتية الضرورية.
و جدير بالذكر، أن قبيلة الشرفاء العلويين " فيلالة " تنحدر من منطقة تافيلالت، حيث نزح جدهم المولى أحمد بن المولى علي الشريف ۔المراكشي من تافيلالت نحو وادي نون والصحراء خارجا عن أخيه السلطان المولى إسماعيل ( 1) . وقد أورد الناصري معلومات عن هذا الخروج حيث أشار أنه في أواخر رمضان سنة تسع وثمانين وألف بلغ السلطان ـ رحمه الله ـ وهو بمكناسة خروج إخوته الثلاثة: المولى الحران، والمولى هشام، والمولى أحمد بن الشريف بن علي مع ثلاثة آخرين من بني عمهم، وأنهم تدرجوا إلى أيت عطا من قبائل البربر فنهض إليهم السلطان بالعساكر، وسلك طريق سجلماسة، فكان اللقاء بجبل ساغرو في عشرين من ذي الحجة من السنة (...) وكان الظفر للسلطان بعد أن هلك من جيشه، ثم من رماة فاس بالخصوص نحو أربعمائة دون من عداهم (...) وانهزم الإخوة وأبعدوا المفر إلى الصحراء (2).
وعند دخول الصحراء تزوج سيدي أحمد الفيلالي بالسيدة فاطمة بنت الشيخ داود بن منصوري الذي يعود نسبه إلى أولاد منصور، الذين يصنفون ضمن قبائل حسان بالاعتماد على خط نسب المختار الكنتي ( 3)
فقبيلة فيلالة من القبائل الصحروية الشريفة النسب، إذ يرتفع نسبها إلى الدوحة النبوية الكريمة، حيث عرف أهلها بممارسة مهنة التوجيه الديني، والإصلاح بين الناس، والتمسك بالمذهب المالكي، والطريقة القادرية، والعقيدة الأشعرية، فمنحهم الجميع ثقته، وأسلمهم قيادة توجيه، فطبق مختلف السكان فتواهم، وعمل بإرشاداتهم، وأنزلهم منزلة التكريم واعتقاد الخير في جميعهم (4)
ثم تسلسل فيهم العلم، وبالخصوص في أسرة آل سيدي أبو بكر الذين توارثوا تحصيل العلوم، وإصدار الأحكام، وتسوية النزاعات التي تنشب بين القبائل، فصاحبهم الذكر الحسن والسمعة الطيبة.
لقد تأسست بفضل أقطاب الشرفاء العلويين آل سيدي أبو بكر زوايا في مختلف أقاليم الجنوب، منها زاوية «الكطوع» في منطقة أفرا شمال غرب طانطان ـ 60 كلم شمال غرب ـ، التي مازالت منارة من منارات الهداية والتوجيه الديني النقي الصافي، تلقن كتاب الله، وتوجه أتباعها لخدمة الصالح العام، تستل جرثومة الخلافات والتطرف والانحراف، المشرفون عليها لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا، منحهم الله بمحض كرمه نور النبوة، وهيبة التقوى، وتجليات آثار العبادة. ولقد كرس شيوخ زاوية آل سيدي بوبكر جهودهم عبر التاريخ لخدمة وحدة الوطن، وضمان عقيدة وسلوك أبنائه من شوائب التطرف أو المغالاة ( 5).
ولقد تخصص علماء فيلالة في علوم القرآن، والفقه، والنحو، كما عم في أكثر علمائهم حفظ مختصر خليل والتعامل مع شراحه، فظلت مدرستهم تحسن استخدام الفروع المالكية لحل المشاكل الاجتماعية التي تتوارد عليها، وقد كتبوا على مختصر خليل عدة طرر، من بينها طرة أبو حمرة المشهورة في المنطقة، وفيهم النظامون الذين لخصوا جل معارفهم في أنظام يسهل حفظها، وحملها، واستخراج الفتوى منها، مثل: العالم الجليل، والداعية الكبير محمد يحظيه بن عبد الباقي، وبينهم العلماء المشاركون مثل: سيدي أبو بكر وأبناؤه ( 6).
تميزت فيلالة بحسن السيرة، ودماثة الأخلاق، وعدم الدخول في أية خلافات قبلية، وبذلك حظوا بثقة الجميع، وكسبوا الاحترام المطلق، بيوتهم عامرة بالذكر، يعم الصلاح والاستقامة رجالهم ونساءهم، شغلهم فيما يعنيهم، لا تستفزهم الحوادث، ولا تنتهك حرمتهم، وبيوتهم ظلت مدارس متنقلة لتعليم القرآن والصلح بين الناس ( 7).
ويظهر ذلك جليا في الوافدين على زاويتهم بالكطوعة، وكذلك في أختها زاويتهم بالحكونية التي تبعد عن العيون بحوالي 90 كلم في اتجاه الشمال الشرقي على ضفاف روافد وادي الساقية الحمراء ( 😎 ، التي يفسرها السكان حسب اللهجة المحلية أنها تترجم كلمتي «الحق والنية»، وأنها سميت بهذا الاسم في عهد الشيخ سيدي بوبكر ولد الحاج عبد المالك الملقب بـ«أبا الحاج» ولد سيد أحمد الفيلالي ( 9) . فقد شكلت منذ تأسيسها مدرسة متنقلة يأوي إليها سكان المنطقة للانتفاع ببركتها، والاغتراف من علم شيوخها ( 10) ، كما ظلت تحديا للاستعمار، وقاعدة إسلامية تقف في وجه الانحراف والعصيان، لعلمائها كلمة الفتوى، والمكانة العليا، انتزعوا اعتراف الكل لهم بالفضل؛ بسبب ممارستهم لكل الطاعات، وابتعادهم عن جميع المخالفات، هم كعبة الزوار، مأوى عابري السبيل، وسند الفقير والضعيف، فلا شبيه لهم في الابتعاد عن جميع المشاكل السياسية والاجتماعية في كل الأسر والقبائل المحيطة بهم، وبذلك فلا غرابة إذا أصبحوا محل ثقة مختلف السكان ( 11) . ومن أبرز علمائها: أحمد محمود، وعبد الله، ومحي الدين، ومحمد بن أحمد أحقاف، ومحمد يحظيه، ومحمد عبد الله عبد الباقي، ومامين، وغيرهم ( 12).
أما بالنسبة لفروع قبيلة فيلالة فهي تتوزع إلى أربع فخذات:
1 ـ أهل سيد أحمد الفيلالي.
2 ـ أهل لفقيه بن صالح.
3 ـ أهل سيد أحمد المهدي.
4 ـ أهل سيدي عبد العزيز «أهل بوعزيز» ( 13) .