الصحراء اليومية/العيون
لقد شكل ذكرى اليوم الأممي لحرية الصحافة لهذه السنة بمدينة العيون حدثا إستثنائيا بكل المقاييس، وقد تجلى ذلك في سلسلة من اللقاءات الإعلامية التي دعت جلها إلى ضرورة العمل على تمكين هؤلاء الصحفيين ومن خلالهم مؤسساتهم الإعلامية من الوسائل والدعم الخاص لتطوير أدائهم المهني بما يستجيب مع تطلعات وانتظارات مختلف الشرائح المجتمعية .
وفي مقابل ذلك مواكبة قانونية وتأطيرية لهؤلاء الممارسين عبر تسويق خطاب الأمل في نفوسهم وليس خطاب الظلامية والتأييس وهذا بيت القصيد .
و من خلال متابعتي لمخرجات هذه اللقاءات، توصلت لقناعة واحدة، أن هذا التنوع في الخطابات الإعلامية من ناحية المبدإ، هو شي مهم وصحي للجسم الإعلامي، وبهذه المناسبة أجدد تأكيدنا أن يدنا ستبقى ممدودة لكل المبادرات الهادفة والخلاقة .
لكن ما دفعني اليوم لاختيار منصة وسائل التواصل الاجتماعي لتوجيه خطابي والذي أعتبره صريح وبدون نفاق اجتماعي(وهو أزمة هذا الموضوع) ولا مجاملة لمختلف الفئات الإعلامية المعنية بهذا النقاش .
أولا: تزييف الحقائق وتغليط المؤسسات الدستورية والقضائية والقطاع الحكومي المعني والسلطة التنفيذية والرأي العام وابتزازه هو أمر مرفوض و غير مقبول .
ثانيا: معطى أن ملفات ملاءمة الصحف الالكترونية والورقية قد شابتها اختلالات قانونية، هو من إختصاص النيابة العامة وهي الوحيدة من لها حق التقييم والمحاسبة .
ثالثا: معطى أن الإطارات الإعلامية بعضها مهني والآخر متطفل على المهنة، هذا خطاب يستحق نوع من الجرأة والمواجهة إذا قابلناها بالحصيلة الميدانية على أرض الواقع وهو أمر مردود عنه.
رابعا: الإطارات الإعلامية المهنية، إطارات مدنية وكل من كانت لهم مساهمة على مدى أربع سنوات الأخيرة عبر برامج تكوينية أو ملتقيات أو نقاشات أكاديمية، هي إطارات فاعلة بالمشهد.
وعلى عكس ذلك، وهذه حقيقة للتاريخ، هناك بعضهم إطارات وهمية وحبر على ورق، لم نلمس لهم يوما ولو مساهمة أو مباردة في الحقل الإعلامي، مع أنهم أول من استفاد من الدعم العمومي لمؤسسات عمومية ومجالس منتخبة، لتنظيم برامج إعلامية وهي في الحقيقة وهمية، وهو ما يمسى إذا أردنا أن نسمي الأمور بمسمياتها بالريع الإعلامي الحقيقي، وهنا استحضر قولة " من بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجر" .
موضوع" الدخلاء على مهنة الصحافة ومن منطلق المسؤولية التاريخية سأعتبر هذه التدوينة في حد ذاتها إنصافا لهم ورد الإعتبار لهم وعندي أسبابي الموضوعية لذلك ..
أولا: إذا أردنا الإجابة عن معيار المهنية والدخلاء، لابد أن أشير أن من تعتبرونهم مهنيين اليوم واستفادوا من بطائق صحافة منذ سنة 2015 وقبلها وقبل صدور القانون الجديد للصحافة والنشر ،هم إخوة يجمعنا معهم التقدير والاحترام المتبادل حصلوا على البطاقة وهم لا يتوفرون حتى على شهادة السلك الإعدادي آنذاك، ومنهم من تحصل على بكالوريا حرة عن طريق الغش وشراء الديبلومات من معاهد خاصة، وهذه اختيارات وحريات شخصية، واصبحوا مهنيين بين عشية وضحاها وهذا من حقهم...و أصبحوا اليوم بالمدافعين عن الصحافة وليسوا بالدخلاء وهم بالأمس " .. تجار ومستخدمين، حراس وسائقين وبائعين للملاحف"، وهذا شيء طبيعي هذه كلها مهن مشرفة، لكن الذي لا يشرف مهنة الإعلام، هو التعامل مع هؤلاء الإعلاميين بغطرسة ونظرة دونية، وكأن الصحافة بالصحراء صنفت اليوم لطبقتين ..طبقة النبلاء وطبقة الكادحين .
و للتاريخ وقد يتساءل البعض لماذا هذا الرد والدفاع عنهم، وسأجيب ببساطة أنني في يوم من الأيام واجهني ما يواجههم اليوم وعلينا اليوم أن نوقف هذا العبث و " البسالة "
المواقع الإخبارية التي لا تتوفر على الملاءمة، سنساندها حتى تحصل على الملاءمة ومن لا يتوفرون على بطاقة، سنوفر لهم ظروف المساعدة للحصول على البطاقة بإمكانياتنا الخاصة.
ولكي لا نقع في نقاش " لا تنهى عن خلق وتأتي بمثله عار عليك إذا فعلت عظيم " أود أن أذكر من يحملون هم الصحافة بالمنطقة، أن مؤسستي الإعلامية التي أتشرف بإدارتها حاصلة على الملاءمة، وأعطيكم أربع فرص أخرى لافتحاصها وحاصلة على بطاقة مهنية لسنة 2019 لأربعة صحفيين والتي لا اعتبرها اليوم مثل ما أمس معيارا للمهنية...
وفي ختام هذه الكلمة ولكي لا نقوم بتغطية الشمس بالغربال، وجب قول الحقيقة أن هذا الإطار الإعلامي موضوع النقاش كتنظيم إعلامي، لم يكن يوما ولا منتسبوه متطفلين ودخلاء على الإعلام، بل على العكس كانت لهم وستبقى مساهمات إعلامية للتاريخ، وبصمة بهذه المدينة وسنبقى ماضون في تطوير أدائنا الإعلامي بهذا الجهة العزيزة، ليتوج هذا المسار اليوم بحصول أربع مؤسسات إعلامية كانوا إلى الأمس بالدخلاء وليسوا بالمهنيين على بطائقهم المهنية لسنة 2019.
والعبرة بالخواتم..
- بقلم/ ذ. تقي الله أبا حازم/العيون.