الصحراء اليومية/العيون
مع حلول شهر ابريل من كل سنة تتحرك قيادة البوليساريو بإيعاز من النظام الجزائري، باعتبارها قيادة مسلوبة السيادة في قراراتها ولا يمكنها أن تخطو خطوة بدون توجيهات من قصر المرادية ، حيت شهد الجانب الشرقي من الجدار الأمني العازل في الأيام الاخيرة تحركات لمليشيات البوليساريو خاصة بمناطق تفاريتي، و بير لحلو، والمحبس محاولة بذلك تغيير الوضع القانوني المتفق عليه بالمنطقة، و تجدر الإشارة هنا إلى أن هذه المواقع كانت تعرف تواجد القوات المسلحة الملكية قبل أن تخرج منها طواعية بموجب اتفاق وقف إطلاق النار سنة 1991 على أساس أن تبقى منطقة عازلة منزوعة السلاح.
يبدو أن هاته القيادة لم تتعلم الدرس جيدا من سيناريوهات آخر قرار أممي للسنة الماضية ، حين اضطرت إلى الانسحاب مذلولة من منطقة الكركرات، ساعات قليلة فقط قبل صدور القرار الأممي 2531 بعد ترويجها أنداك لما أسمته " المناطق المحررة " مدعية، على لسان قياداتها، عدم انسحابها، وهي محاولة يائسة لتغطية وتصدير المشاكل الداخلية التي تشهدها مخيمات تندوف. خصوصا وأن القيادة الحالية لم تعد قادرة على فرض واقع الحال على محتجزي المخيمات مما أجج أزمة داخلية خانقة تجلت في كثرة الاحتجاجات والتمرد على كل أشكال الفساد التي أزكمت رائحتها البعيد قبل القريب، وذلك لأن مستوى غرور قيادة الجمهورية الوهمية تجاوز حدوده بفعل الدعم اللا مشروط الذي تتلقاه من الجهات التي تعتبر دعمها لهذا النزاع المفتعل مبدءا مقابل ادعائها غير المبرر وغير المقنع بأنها لا تعتبر طرفا في هذا النزاع وواقع الحال أثبت تورطها في تحويل المساعدات الدولية عن مسارها الإنساني. وهو ما لم تستسغه ساكنة المخيمات، خصوصا الشباب الطامح إلى العيش الكريم، من خلال إحساسها بالتوظيف غير الشريف في مراكمة العديد من القيادات لثروات مهولة مقابل تعمق أزمتها والمتاجرة بفقرها واضطهادها و اعتبارهم صكا تجاريا بأيدي هاته القيادة، هذا الوضع ساهم في تدمرها وإحباطها وقد يجعلها مادة خام قابلة للتوظيف من طرف شبكات الإرهاب الدولي التي بدأت تجد لنفسها موطئ قدم بهذه الربوع غير المتحكم في مصيرها في ظل الفراغ الأمني المفروض عليها من طرف كل الداعمين بالباطل لهذه الوضعية.
فبعد ما وجدت البوليساريو متنفسا في القرار غير الملزم والمغرض للمحكمة الأوربية الأخير، حول اتفاقية الصيد البحري للترويج لانتصارات وهمية محاولة بذلك تعويم مشاكلها الداخلية، اصطدمت بالأمر الواقع بعد صدور تقرير المفوضية الأوربية الذي أكد على التزام الدول الأوربية بإبرام الاتفاقية مشمولة بالأقاليم الجنوبية للمملكة، وقد كان هذا نقطة بداية لانتكاسات، تعززت بعد الكشف عن بعض تفاصيل المسودة الأولية من تقرير أنطونيو غوتيريس، الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، بخصوص قضية الصحراء المغربية، حيث كانت البوليساريو تمني النفس بتضمينه نقاط حاولت الدبلوماسية الجزائرية، على عادتها، جاهدة فرضها بعد تحركاتها المكثفة من خلال إقحام طرف آخر للإشراف على تدبير الملف في إشارة للاتحاد الإفريقي، لكن تقرير الأمين العام أكد أن منظمة الأمم المتحدة هي الجهة الوحيدة المخول لها الإشراف على تدبير هذا النزاع، كما سعت البوليساريو كذلك إقحام حكم المحكمة الأوربية الأخير بالتقرير وهو الشيء الذي لم يتم التطرق اليه في التقرير نهائيا.
كل هاته الانتكاسات أدت إلى فقدان بوصلة البوليساريو لاتجاهاتها، مقدمة على خطوة خرقاء أخرى في محاولة لفرض أمر غير واقعي وغير قانوني بالمنطقة، لكن هذه المرة وصل بها الاستهتار بهذه الأعمال الاستفزازية إلى تهديد جبان لاتفاق وقف إطلاق النار، وانتهاك القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، والسعي إلى تقويض الحل السياسي الذي يؤكد المنتظم الدولي على كونه الحل الناجع والأمثل لتدبير هذا النزاع المفتعل الذي عمر أكثر من أٍربعين سنة.
- د. زين العابدين الوالي.