الصحراء اليومية/العيون
في غمرة ما وقع، في ثنايا و حنايا و دواخل كل ما عشناه في مؤتمرنا السابع عشر، نعترف انه كان هناك ألم و كانت هناك غصة، و كان هناك توق و شوق و انتظار، الجميع ينظر للمستقبل الكل يريد الانعتاق من أمس عشناه بظلامه و انتكاساته و خرابه، مع كل هذا الذي وقع من صحون و تكسير و ترهيب، نحسبه نحن مجمع المناضلين ألم الولادة، التي تأتي بعدها المسرات و الأفراح.
بعد الخطيئة السادسة عشر، باتت المبادئ جرما، و صارت الأفكار هرطقة، صرنا في جاهلية عمياء، يأكل فيه الأعيان كِفَاءُ المناضلين، لا شيء يعلو عن لغة الريع، المال صار لغة الحوار الوحيدة، التنظيمات أفرغت من6 مناضليها و شتت مكاتبها، و صار التعين سمة واقعنا المؤلم عوض التدرج و الإجماع و لغة الانتخاب.
قرارنا سرق و نهب و قرصن، قرارنا صار يصنع في نوادي غير نادينا، و المجدّ المجتهد فينا هو من يحطه و يتقن تصريفه، لم نعد نملك من الأمر شيئا، توابع و فواصل و هوامش صرنا نحن في نادي الزرق( زرقة الجرار و زرقة المصباح)، تائهون لا نحن في أغلبية و لا نحن في معارضة، و لا ندري أين نحن بالضبط، أنناضل في بلدنا المغرب أم نناضل في موريتانيا، أم نجابه النصرة و داعش و الموساد، لم نعد نعلم حتى مبعث وجودنا.
مات كبيرنا، و تبعه صديقه و رفيق دربه، و كأن المآتم لا تكاد تفارقنا، لا شيء مفرح، ديارنا خربت، و مجامعنا تباع، أصواتا و تسجيلات، لكل صنوف الغير و الأجهزة، بل و حتى بيننا، لا شيء يجمعنا سوى رمز و نشيد لا نتقن حتى لفظ كلماته، أو عزف نشيده، خراب على خراب على خراب.
خراب في الفكر، و خراب في المبادئ، و خراب في التنظيمات، و تهجير للكفاءات، و فشل في الانتخابات، و اهتزاز و سقوط لصورتنا عند المواطن، صراع مع الدولة، و صراع مع الأجهزة، و صراع مع كل الأحزاب، و صراع مع المحاكم، و صراع فيما بيننا، و هجوم على دولة جارة، فشل في التحالفات، إفلاس في جريدتنا، و كساد و عقم في الإنتاج، مدارسنا هدمت و بيعت مقرراتنا و أفكارنا.
للأسف هذا هو التقرير الأدبي الذي أمتله، و هذه هي حقيقة وضعنا، أم بناء المقرات و تشييد الطوابق، فبما ينفع الحجر، إن غاب الفكر و البشر؟
في انتظار المنقذ إن بقي هناك شيء ينقذ.
- بقلم: أيوب مشموم.